Credit : Olly Moss
أنا من هواة سلسلة أفلام Star Wars وهو من الأفلام القليلة التي شاهدتها مرتين و لكن كلما يظهر جزء جديد و أشاهده مع أصدقائي (وهم يشاهدونه اكراما لي) أتلقى وابل هائل من التهزيق والتقطيع بعد نهاية الفيلم .
هو ليه الأشكال المقرفة كدة ؟
هى ليه الناس بتحارب بعضها بالسيوف و هما عندهم سفن فضاء بتعدى ملايين السنين الضوئية ؟
مش هندخل معاك تانى .
سر مشكلة المصريين مع سلسلة أفلام Star Wars من وجهة نظري سببين :
الأول هو فقر الخيال عندنا بشكل عام لأننا غارقين في واقع مر من الصعب فيه أنك تنظر إلى كائن برأس سمكة و تتخيل أنه كائن فضائى من مجرة أخرى في درب الأسماك مثلا و أيضا يصعب هضم فكرة لماذا يستخدم هؤلاء السيوف وفي حوزتهم سلاح قادر على تدمير كوكب كامل . إذا قمنا بالمقارنة بين السياق الذي ظهر فيه الفيلم من وجهتى نظر المواطن الأمريكي والمواطن المصري سنجد أن الفترة التي ظهرت فيها تلك السلسلة كانت أعقبت فترة طويلة من سباق الفضاء بين الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتى الذى كان جزء من الحرب الباردة بشكل عام . السباق بدأ فى منتصف الخمسينات بعد الحرب العالمية الثانية واستمر حتى انهيار الاتحاد السوفيتي في التسعينات و أول ظهور للسلسلة سنة 1977 كان في ذروة الحرب الباردة بالإضافة إلى أن فى برنامج دفاع أطلقه الرئيس ريجان سماه حرب النجوم تيمنا باسم الفيلم , هذا المناخ أعطى للفيلم سياق في عقلية المواطن الأمريكي جعله جزء من تاريخه و جزء من الشخصية الأمريكية و هذا يجعلك لا تستنكر لماذا يثير هذا الفيلم الغريب (أو الممل فى أفضل الأحوال) كل هذه الضجة عند صدور أجزاء جديد منه . على النقيض تماما نجد المواطن في عواصمنا العربية في 2016 لازال يواجه معضلة أن سائق العربة الكارو قرر أن يتهادى فى الشارع الرئيسى ليصطف خلفه طابور طويل من السيارات أو الطفل المتهور سائق التوك التوك الذى اصطدم بمؤخرة سيارته فمن المفهوم تماما أنه عندما يرى بنى أدم برأس سمكة يشعر بشعور عميق من الاستغراب ناحية مجموعة المعاتيه الذين أخرجوا هذا الفيلم إلى النور أو المعاتيه الذين يتابعونه بشغف .
[Spoilers Alert : فى السطور القادمة ساقوم بذكر بعض أجزاء الفيلم ]
أما السبب الثانى هو أن كثير منا لا يملك الصبر أو رفاهية الوقت لمشاهدة 6 أجزاء لتفسير قصة هذا الرجل المقنع الذي يتنفس بصوت مرتفع خاصة أن مخرج الفيلم George Lucas بدأ السلسلة من المنتصف ابتداء بالجزء الرابع في السبعينات ثم تبعه الجزئين الخامس والسادس وفي التسعينات ظهرت الأجزاء من الأول إلى الثالث ثم في 2015 أكمل القصة بعد الجزء السادس وفى 2016 كان Star Wars: Rogue One قصة دارت أحداثها بين الجزء الثالث و الرابع . سبب هذا الترتيب المقلوب حسب رواية المخرج أنه بدأ من الجزء الرابع بسبب ضعف التكنولوجيا السينمائية وقتها بالإضافة إلى أنه فضل استخدم أسلوب معين في الرواية in media res يبدأ القصة من الذروة و يستخدم الفلاش باك للايضاح مع مرور الأحداث و ذلك يخلق نوع من الاثارة و التساؤلات في ذهن المتلقي لكن هناك وجهات نظر أخرى أنه كان لم يقم بهذا الترتيب عن قصد.أيا كان سبب هذا الترتيب فهو السبب الرئيسي الذي أثار اهتمامي لكي أتعرف على الفيلم . فكنت مضطرا أن أشاهد الأجزاء التى صدرت فى السبعينيات (تنبيه: تحتاج الكثير من الصبر وعصير الليمون لكي تتابع فيلم خيال علمى بتكنولوجيا السبعينيات) , ثم شاهدت أجزاء التسعينيات .
الحقيقة أنك لن تستطيع الشعور بالتقدير لصناع العمل أو تكوين فكرة عنه إلا بعد مشاهدة كل أجزائه .حينها سترى مدى بساطة الرواية ان اخرجتها من سياق السيوف و مدافع الليزر و ستجد فى الحقيقة -على النقيض تماما مما كنت تظن- أنها شديدة القرب من الواقع السياسي العربي فهي بكل بساطة قصة حب و سياسة و صراع نفسى.
تحكي الرواية عن شاب صاحب قدرات غير عادية أهلته أن ينضم لفئة مقامها رفيع من الفرسان مسئولة عن الدفاع عن الجمهورية والنظام الديمقراطى بشرط أن يلتزم ببعض القواعد القريبة من الرهبنة و منها أن لا يقع في الحب و لكن لأنه شاب و لأن قدراته متفوقة حتى على أساتذته بدأ يتمرد على وضعه و وقع في الغرام مع عضو مجلس الشيوخ رغم أنها تكبره سنا على الأقل بعشرة أعوام و تؤدى دورها Natalie Portman (من يستطيع أن لا يقع فى غرامها) وتزوجها سرا. فى نفس الوقت على خط آخر من الأحداث يحدث تمرد فى أنحاء الجمهورية التى تحكم بنظام برلماني ديمقراطي و نتابع قصة صعود عضو آخر في مجلس الشيوخ الذي يقوم باستغلال فرصة التمرد أنه يدعو للتصويت لإجراءات استثنائية لمكافحة التمرد ومن ضمن هذه الإجراءات ترشيح عضو جديد لمنصب المستشار ( أظن أن القصة بدأت تصبح مألوفة الآن ) وقام المستشار الجديد بطلب تفويض من مجلس الشيوخ لزيادة مساحة نفوذه وسلطانه لكي يستطيع وأد هذا التمرد (سنكتشف لاحقا أنه كان له دور في إشعال هذا التمرد) .
نجح المستشار بذكائه أن يلمح موهبة هذا الشاب و تهوره في نفس الوقت. و هنا يلتقي خطى القصة فبدأ المستشار يستغل نقاط ضعف الشاب و استعمله كعميل مزدوج ضد الفرسان الذين بدأوا يشكون في نوايا المستشار كان يخطط للانقلاب على الديمقراطية و فى خلال سلسلة من الأحداث يتلاعب فيها المستشار بمجلس الشيوخ و أعدائه المختلفين و استخدم الشاب للقضاء على الفرسان فى مذبحة كبرى تحول فيها الشاب المتهور إلى وحش عديم الرحمة حتى الأطفال أو النساء لم يفلتوا من سيفه و تنتهي القصة بالقضاء على الجمهورية وإعلان الإمبراطورية بقيادة المستشار الذى نصب نفسه امبراطورا وصار مساعده الأول هو الشاب الذي خاض مراحل كثيرة من الصراع النفسي و اختار اختيارات خاطئة سدت أمامه كل الطرق إلا طريق التعاون مع الامبراطور جديد خاصة بعد ما فقد حب حياته وأولاده .
يعيب الفيلم بشكل أساسى سطحية الشخصيات و ضعف الإخراج اللى كان ممكن يكون أحسن من كدة بكتير خصوصا أن الرواية ملحمية و المخرج كان أدامه مدة طويلة يبنى فيها الشخصيات و يحبك التفاصيل فاذا مثلا كان المخرج هو Christopher Nolan أو Peter Jackson كنا شفنا كلام تانى خالص و لكن ده ممكن يظهر فى المستقبل بعدما السلسلة هتتحرر من George Lucas .
لكن بشكل عام هي سلسلة تستحق المشاهدة على الأقل لمرة واحدة ( و ممكن ت skip أجزاء السبعينات لأنك غالبا مش هتستحمل ) و مش هتندم أوى على الوقت اللي ضيعته .